يبالغ التربويون حينما يدخلون لغة الأرقام في الممارسات التربوية مع الأبناء، يذكر بعضهم حاجة الطفل إلى 60 حضن في اليوم، و 10 قبلات، و 15 كلمة تشجيع، و 5 مرات مسح على الرأس.. الخ، وذلك من أجل تنشئة سوية. حينما أسمع ذلك أتساءل من الذي قام بالعد؟ وكيف حُسب حجم الحنان ودفق الحب ومشاعر الامتنان؟ هل هناك جهاز يقيس أي من ذلك؟ دلوني عليه!
الممارسات التربوية مع الأبناء تحتاج إلى سياق مناسب
مطلوب الحضن، والقبلات، وكلمات التشجيع، والمسح على الرأس، ولكن ليس دوماً، ولا في كل الحالات، هذه الممارسات التربوية تحتاج إلى سياق مناسب، على سبيل المثال كلمات المدح إن لم توجه إلى السلوك الحسن، ولم يكن هناك ما يستدعيها قد تصل بالطفل إلى مرحلة من النرجسية، يشعر أنه عظيم دون أي إنجاز يذكر.. كما إن المراهقين سيعتبرون الحضن محرج لهم، وكذلك الاهتمام الزائد..
بالحديث عن الإنجاز ليس المطلوب أن يحقق الأول في أي شيء، يكفي فقط أن ينظف مكانه ويحمل طبق طعامه إلى المطبخ، ويرتب سريره.. التشجيع وباقي الممارسات لا تغني عن الانضباط، والقوانين، والحزم من غير تجريح، فالطفل أناني بطبعه يريد العالم أن يكون بين يديه وذلك يستدعي الضوابط.
الممارسات التربوية بين إفراط وتفريط
على كل حال غالبنا بين إفراط وتفريط، وحينما سُئل أحد التربويين أيهما أنفع للطفل الدلال الزائد، أم الانضباط الزائد (من غير عنف لفظي أو جسدي)، فقال: كلاهما خطأ، ولكن إن كان ولا بد فالانضباط الزائد.
والموضوع يحتاج الكثير من التفصيل.. فالتربية عملية مستمرة بين ارتقاء وانحطاط وتحتاج الكثير من الجهد. قرأت خبراً مفزعاً عن محاكمة امرأة في أمريكا بسبب تعذيبها لطفلتها الصغيرة بعد أن أخطأت في قراءة نصوص من الإنجيل..
ليس هذا المفزع وحسب بل كم من محفظين وأمهات وآباء سيحاكمون على تعذيبهم لأطفال بسبب خطأهم في قراءة القرآن الكريم أو في حفظه لو تم التحقيق في الأمر!
د. فالح الرويلي



1 Comment
[…] عليه! .. إنه العالم الرقمي مجدداً يا سادة .. هل عالم التربية في منأى عن هذا العالم وعن التطور الهائل؟.. إن كان فلذات […]